قصة مثل "اللي اختشوا ماتوا" | حكاية ومغزى من التراث الشعبي

0
قصة مثل الذين اختشوا ماتوا | الحكاية والمغزى من التراث الشعبي

قصة مثل "الذين اختشوا ماتوا" | الحكاية والمغزى من التراث الشعبي

الأمثال الشعبية كنوز من الحكمة المتوارثة، تفيض بالعِبر والدروس التي استخلصتها الأجيال من تجاربها ومواقفها عبر الزمان. فهي عبارات موجزة، لكنها مشبعة بالمعاني، تحمل في طياتها تصويراً بليغاً للحياة وسلوك البشر. ومن بين تلك الأمثال التي رسخت في أذهان الناس، وجرى ذكرها على ألسنتهم في المواقف المختلفة، مثلٌ يقول: "الذين اختشوا ماتوا". هذا المثل، على قِصر عبارته، يختزن حكاية غريبة، وواقعة طريفة ممزوجة بمأساة، جعلته يتناقل عبر الأجيال حتى يومنا هذا.

أصل الحكاية

تعود القصة إلى زمن كانت فيه الحمّامات العامة شائعة في المدن العربية، إذ كان الناس يقصدونها للاستحمام وقضاء بعض الوقت في الراحة. وكانت هذه الحمّامات تخصص أياماً للنساء وأياماً للرجال، محافظةً على الحياء والعرف الاجتماعي.

وفي يوم من الأيام، شبَّ حريق مفاجئ في أحد الحمّامات المخصصة للنساء، وكن بداخله في حال الاستحمام، بعيدات عن أعين الناس. ومع اشتداد النيران وانتشار الدخان، وجدت النساء أنفسهن أمام خيارين لا ثالث لهما:

  • الخروج فوراً للنجاة من الحريق، ولو اضطررن للخروج عاريات أمام أعين المارة.
  • البقاء في الداخل حفاظاً على الستر والحياء، مع إدراك أن ذلك قد يؤدي إلى الهلاك.

فما كان من النساء شديدات الحياء إلا أن تمسكن بسترهن وامتنعن عن الخروج، فحاصرتهن ألسنة اللهب حتى فارقن الحياة. أما الأخريات، فقد قدّمن حياتهن على حيائهن، فاندفعن إلى الخارج عاريات ونجون. ومن هنا، وُلد المثل الشعبي: "الذين اختشوا ماتوا".

المعنى والدلالة

الحياء في اللغة هو انقباض النفس عن القبيح، والاختشاء أشدّ الحياء وأبلغه. وفي هذا المثل، يجيء المعنى الأصلي مرتبطاً بالقصة ذاتها، غير أن الدلالة المعاصرة توسعت، فأصبح يُستعمل:

  • في السخرية من غياب الحياء في مواقف ظاهرة.
  • في التلميح إلى أن أصحاب المروءة قد قلّوا أو انقرضوا.
  • كتعليق تهكمي على أفعال جريئة أو وقحة.

مواضع القول

  • حينما نرى شخصاً يقدم على فعل مشين دون خجل.
  • في الحديث عن تراجع القيم الأخلاقية في المجتمع.
  • عند التعليق على أحداث أو مواقف تكشف غياب الحياء.

شواهد من الحياة

  1. في مجلس عام: رجل يرفع صوته بكلمات بذيئة، فيعقّب أحد الحاضرين مبتسماً: "حقاً، الذين اختشوا ماتوا".
  2. في التعليق على خبر صحفي: عند قراءة خبر عن تصرفات فاضحة أو فساد ظاهر، يكتب القارئ: "الذين اختشوا ماتوا".
  3. في جلسة سمر: عند التندر على قصة صديق فعل شيئاً متهوراً دون حياء، يستحضر الحاضرون المثل ضاحكين.

المثل في الثقافة والفن

لم يبقَ المثل حبيس المجالس، بل تسلل إلى المسرحيات والأفلام والأغاني الشعبية، حتى صار عنواناً لأعمال فنية مشهورة، منها مسرحية مصرية عُرضت في القرن العشرين، حملت الاسم نفسه وجسدت روح الحكاية في قالب كوميدي ناقد.

قراءة ثقافية للمثل

يعكس المثل جانباً من فكر المجتمعات القديمة، حيث كان الحياء يُعد من أرفع القيم التي تُضحّى من أجلها بالحياة نفسها. لكنه، مع مرور الزمن، اتخذ بعداً تهكمياً، فأضحى أحياناً يُستعمل للإشارة إلى انعدام الحياء لا إلى تمجيده.

الخاتمة

إن مثل "الذين اختشوا ماتوا" شاهد على قدرة الأمثال على العبور من حادثة محدودة الزمان والمكان، إلى حكمة تتجاوز العصور والحدود. وفيه نرى كيف تتحول القصة الواقعية إلى رمز ثقافي، يختصر نقداً اجتماعياً ويثير الابتسام أو الحنين في آن واحد.


هاشتاجات: #الأمثال_الشعبية #حكم_وأمثال #الذين_اختشوا_ماتوا #قصص_تراثية #الحياء #ثقافة_عربية #تراث

التصنيفات:

إرسال تعليق

0 تعليقات
* Please Don't Spam Here. All the Comments are Reviewed by Admin.
إرسال تعليق (0)

#buttons=( أقبل ! ) #days=(20)

يستخدم موقعنا ملفات تعريف الارتباط لتعزيز تجربتك. لمعرفة المزيد
Accept !